رواية نوفيلا الفصل الثالث نظر الطبيب بعملية إلي ثلاثتهم وأردف بنبرة مطمأنة : أنا عاوزكم تهدوا وتطمنوا خالص، المرض لسه في المرحلة الأولى يعني نسبة الشفا منه هتكون كويسة جداً ومٌرضية لينا جميعاً
وأكمل مُشيراً بسبابته :
_ لكن بشرط إن المريضة تبدأ في العلاج وفوراً قبل المرض ما يتطور ويدخل في مرحلة صعب السيطرة عليه فيها
تمالكت سحر من حالة الذهول التي إنتابتها جراء إستماعها للخبر وساُلتهُ بنبرة متلهفة :
_ المفروض نبدأ العلاج من أمتي يا دكتور ؟
أردف الطبيب قائلاً بنبرة عملية :
_ كل ما نبتدي في العلاج أسرع كل ما كانت النتيجة مُرضية أكتر
بس الأول محتاجين نعمل شوية تحاليل ضرورية، وبعدها هنحدد ميعاد جرعات الكيماوي اللي هتاخدها المريضة
وأكمل مُقترحً :
_ أنا عندي مكان خاص كويس جداً يملكه دكتور ممتاز في التخصُص ده، والجميل فيه إن الدكتور ده هو بنفسه اللي بيشرف علي الجلسات وبيباشر الحالات بنفسه طول الوقت ،ده غير إنه دارس تنمية بشرية وبيشتغل علي المريض من الناحية دي ، والحقيقة إن ده اللي بيميزه عن غيره ومعلي نسبة الشفا في المركز بتاعه
وأكمل بعملية وهو يُبسط ذراعه إلي أمير مُمسكً بكف يده بإحدي بطاقات التعريف الشخصية :
_ ده العنوان علشان مدام أمل تاخد الجلسات في المركز هناك، وعلي فكرة مش مُكلف مقارنةً بأسعار المُستشفيات الإستثمارية العالية اللي بنسمع عنها اليومين دول
أجابهُ أمير مُفسراً بعدما أخذ منهُ بطاقة التعريف :
_متشكرين جداً لإهتمام حضرتك يا دكتور، بس الحقيقة أنا مادياً مش هقدر أعالج أمل في أي مكان خاص، أنا هحجز لها في معهد الأورام اللي تبع الدوله
نظرت إليه سحر بذهول غير مستوعبة، ثم هتفت بنبرة قوية رافضة :
_ إيه الكلام اللي إنتَ بتقوله ده يا أمير، إنتَ عارف علشان نحجز مكان للجرعة في المعهد ده هناخد وقت قد إيه ؟
أردف الطبيب مُكملاً علي حديثها بنبرة عمليه :
_ مش أقل من شهرين تلاتة علي ما تلاقي مكان فاضي، وزي ما قُلت لك من شوية، إحنا في سباق مع الزمن وفي أمّس الحاجة لليوم الواحد
أردف أمير قائلاً بنبرة حزينة وهو يتطلع علي زوجته الشَاردة :
_ للأسف يا جماعة هي دي قدراتي المادية، ما يقدر علي القُدرة غير ربنا
تحدثت سحر بنبرة هادئة :
_ما تشيلش هم الموضوع ده يا أمير، أنا وإيهاب أخوها هنتكلف بمصاريف العلاج كُلها
وأكملت وهي تمسح فوق ظهر أمل المستسلمة لقدرها بلمسات حنونه :
_مال الدنيا كله تحت رجلين أمل، بس هي تقوم لنا بالسلامة
شعر بخجل وإهانة ولكنه إبتلع غصة مُرة وتحامل علي حالهِ لأجل إمرأته .
تحرك الجميع من المَشفي بعدما إتفقوا مع الطبيب علي أن يذهبوا لذاك المركز، وأستقلت تلك الشاردة سيارة زوجها وصعدت بجانبه وجلست والدتها بالخلف بقلبٍ يتمزقً ألماً لأجل غاليتها وما أصابها
كانت تستند برأسها علي زجاج السيارة بوجةٍ مهموم وقلبٍ يتمزق حٌزنً علي حالها وحال طِفلتها التي مازالت صغيرة وتحتاج لرعايتها وحنانِها، كانت تنظر علي الطُرقات والمَارة وكأنها تراهم لأول مرة،
نزلت دموعها الساخنة المُنبعثة من داخل أعماقها المُتمزقة
وحدثت حالها بتألم، أبتلك السرعة أتت النهاية وحان وقت الرحيل؟
نعم أيتُها البائسة،فلا أمل من النجاة من ذلك المُهلِك المُسمي بالسرطان
ونظرت إلي السماء وهي تناجي ربها، إلهي، أعلم جيداً أن هذا هو قدري وأبتلائي وأني ولابد أن أرضي بقضائكَ ، وصدقً انا لا أخشي الموت،فيكفي أنني سأكونٌ بجوارك حبيبي وسيدي
ونزلت دموعها وخرجت شهقة رٌغماً عنها إستمعت إليها والدتها وتمزق قلبها علي أثرها وأيضاً أمير الذي يتمزق داخلهُ لأجلِها
وأكملت أمل مناجاتها مع الله بدموع نازفة،
لكن كُل خوفي علي إبنتي الصغيرة، فلهذا أدعوك يا سندي أن تكتب لي النجاة لأجل غاليتي، صغيرتي الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة،
أريد أن أجاورها الحياه وأحيا معها كل مراحِلُها،إلهي لا تحرمني حضن إبنتي ولا تحرمها إحتضاني،
ليس لي إلاكَ يا سندي لأسئلهُ
وليس لي سبيلًٌ في النجاةِ سواكَ
وصلت إلي مسكنها وبعد مُدة كانت تقبع فوق تختِها متقوقعة علي حالِها ومازالت علي وضع الشرود الذي أصابها مُنذُ أن إستمعت لذاك الخبر المشؤوم من الطبيب
جلس بجانبها وسحبها لداخل أحضانه وتحدث بنبرة حماسية كي يبِثُ داخلها روح المُحارب :
_ أنا عارف إن الخبر كان صدمة بالنسبة لك وبالنسبة لنا كلنا، بس أنا عاوزك تُبصي للموضوع من الناحية الإيجابية
نظرت إليه بدموع تترقب حديثهُ فأكمل هو :
_ مش عاوز أشوف نظرة اليأس دي في عيونك يا أمل
وأسترسل بنبرة متفائلة :
_ وما تنسيش إن المرض لسه في المرحلة الأولي زي ما قال لنا الدكتور، يعني الأمل في الشفا كبير جداً إن شاء الله
تفتكر مُمكن أقوم منه بجد يا أمير ؟
ولا هموت زي كل اللي سبقوني بيه،، كانت تلك جُملة بائسة تفوهت بها أمل بنبرة حزينه مُتألمة
إبتلع غصة مؤلمة وهتف قائلاً بنبرة حماسية :
_ إوعي تفكري بالطريقة المتشائمة دي يا أمل ، إنتِ هتتعالجي وهتمسكي بإديكي وأسنانك في الحياة علشاني أنا وكارما
وأمسك كف يدها مُشدداً عليه بدعم وأردف قائلاً :
_إوعديني يا أمل
أومأت له بإبتسامة أمل ثم سحبها من جديد لداخل أحضانه برعاية حتي غفت داخل أحضانة مستسلمة لقدرها القادم بقلبٍ يتمزق
_________________
في اليوم التالي
ذهبت أمل مع زوجها وبصحبة والدتها وقامت بعمل بعض الفحصات وحدد لهما الطبيب أخذ الجرعات ، كان تاركً إبنته عند والدته فتحرك إلي مسكن والده كي يُجلبها بعدما أوصل أمل ووالدتِها إلي الشقة
قرع جرس الباب، فتحت لهُ شقيقتهُ شيرين وأفسحت لهُ المجال كي يدلف إلي الداخل، تحرك وألقي السلام علي والدهُ ووالدته اللذان يجلسان ويبدوا علي وجهيهما التشنُج وعدم الإرتياح وكأنهُما كانا يتشاجرا
جلس بجانب والدتهُ وتسائل عن إبنته فأخبرتهُ راوية بوجهها الغاضب وهي تُشير بكف يدها إلي غُرفتها أنها غافيه بالداخل
حول بصرهِ إلى أبية وقطب جبينهُ وأردف مُتسائلاً بإستفسار :
_ فيه إيه يا بابا ، مال وشوشكم مقلوبة كده ليه ؟
هو فيه حاجه حصلت أنا معرفهاش؟
_مفيش حاجة يا إبني ، متشغلش إنتَ بالك وخليك مع مراتك في تعبها ، كانت تلك جملة تفوة بها مصطفي بإستسلام
قاطعتهُ راوية بنبرة حادة معترضة علي حديث زوجها :
_ لا فيه يا أمير
حول بصرهِ إلي والدته فتسائلت هي مُستفسرة بنبرة صارمة :
_ الدكتور حدد لمراتك هتاخد جلسات الكيماوي دي أمتي ؟
تنهد بألم واجابها بنبرة مستسلمة مهمومة :
_ أول جلسه هتاخدها بعد يومين
تفوهت بنبرة حادة وبدون رحمة أو إنسانية :
_ خلاص ، يبقا تجيب حاجتك إنتَ وبنتك وتيجوا تُقعد معانا هِنا
قطب جبينةُ وتسائل مُستفسراً :
_ أقعد هنا إزاي يعني، ومراتي المريضة دي أسيبها لمين يراعيها ؟
أجابته بنبرة حادة وكأن الرحمةَ نُزعت من قلبها وأصبح حجراً :
_ سيبها لأمها وأختها ، هما أولي بخدمتها وبمصاريفها
هتف مصطفي موجهً حديثهُ إلي زوجته بنبرة حادة :
_ يا راوية إتقي الله في كلامك وخافي ربنا، ده أنتي عندك وليه زيها واللي حصل لها ممكن يحصل لبنتك ولأي حد في الدنيا
نهرته بقوة قائلة بتشاؤم :
_ فال الله ولا فالك يا مُصطفي، إنتَ هتفول علي بنتي يا راجل ولا أيه
وأكملت مفسرة:
_ وبعدين الحق ما يزعلش، آه، هو إبني هيجيب فلوس لمصاريف علاجها دي كُلها منين ؟
حين تحدثت شيرين قائلة بنبرة حقودة كعادتها حينما يكون الحديث عن أمل ويختصها :
_ بصراحة بقا يا بابا ماما معاها حق في كلامها، المفروض أخوها ومامتها وأختها يشيلوا مصاريف علاجها، هما التلاته بيشتغلوا في وظايف مرموقة ومراتباتهم علي قلبهم قد كده ، يعني فلوس علاجها مش هتفرق معاهم في أي حاجة، لكن هتدمر أمير وتعجزوا باقي حياته
وأكملت راوية علي حديثها قائلة :
_ ده غير إن كُل دي أصلا فلوس هتترمي في الأرض يا بنتي
ثم نظرت إلي نجلها الذي يستمع لهما والذهول سيد موقفهُ وأردفت قائلة بنبرة عديمة الرحمة :
_ متزعلش مني يا أمير، بس من أمتي كان مريض السرطان بيصحي ويخف ، كل الحالات اللي مرت علينا محدش من أصحابها نجي من الموت
وأخيراً قرر التحدُث قائلاً بنبرة مُستاءة :
_ إنتِ إيه اللي بتقوليه ده يا ماما ، أنا مصدوم ومش مصدق الكلام اللي بسمعه منكم ده ، ده بدل ما تقولي لي أقف جنب مراتك وقويها لحد ما ربنا يشفيها ، جاية تقولي لي إن فلوس علاجها مهدورة لأن المرض هيخلص عليها ؟
هتفت قائلة بنبرة خبيثة :
_ وأنا يعني بقولك كده ليه يا أمير ، مش من خوفي وحرصي علي مصلحتك وفلوسك اللي شقيان فيها يا آبني؟
أجابها بمرارة وكَسرة :
_ إطمني حضرتك ، مامتها وأخوها فعلاً هما اللي هيتحملوا مصاريف علاج أمل، لإن مامتها قررت تدخلها مستشفي خاصة ومصاريفها مكلفة جداً وأكبر من إمكانياتي بكتير
حزن مصطفي عندما إستمع لحديث ولده ولعن الفقر الذي يقف عائقً بينهُ وبين القيام بواجباته كأب تجاه فلذة كبده، وفضل الصمت المّرير
أما راوية فتنهدت براحة عندما إستمعت لذاك الخبر ولكنها أكملت عن جهل :
_ مش بس موضوع الفلوس اللي شاغلني
وأكملت بهلع علي نجلها وصغيرتهُ :
_ يا آبني أنا خايفة عليك إنتَ وبنتك ، العلاج الكيماوي ده اللهم أحفظنا بيأثر علي صحة كل اللي حوالين المريض اللي بياخده ، وممكن كمان لاقدر الله تعديكم
قطب جبينة وتحدث قائلاً بإستنكار :
_ إية يا ماما التخاريف اللي بتقوليها دي ؟
وأسترسل شارحً:
_ الكلام اللي حضرتك بتقوليه ده ملوش اي أساس من الصحة نهائي ، المرض ده عُمرة ما كان بالعدوي
أردفت شيرين قائلة في محاولة منها لإقناع شقيقها :
_ إفهم يا أمير ، يا حبيبي ماما خايفة عليك إنتَ وكارما ، وطبياً الإشعاع ده خطر أوي علي الأطفال، انا سمعت الكلام ده كتير في برامج التلفزيون
وأكملت كي تبثُ الرُعب داخل صَـ.ـدر شقيقها:
_ يعني هتبقا مبسوط لو لا قدر الله البنت إتأذت من أمها ؟
وقف منتصب الظهر وتحدث بنبرة حادة متغاضيً عن حديثهما الفارغ :
_ قومي يا شيرين هاتي لي البنت علشان أوديها لأمل وتطمن بوجودها في حُضنها
هبت والدته واقفه لتواجههُ وتحدثت بنبرة أمرة وهي تُشير بسبابتها بوجههٍ :
_خدها معاك بس خلي بالك ، هتجيبها لي بكل هدومها قبل ما أمها ترجع من الجلسة ، فاهم يا أمير؟
زفر بضيق وتحرك ليقابل شقيقته كي يحمل عنها صغيرته الغافية، حملها وتحرك إلي الخارج تحت حزن والدهُ من زوجته وإبنتهِ وتفكيرهُما العقيم الخالي من الإنسانية
مر اليومان سريعً وذهبت أمل إلي المّشفي بصُحبة والدتها وزوجها وشقيقتها رانيا، دلفت إلي الداخل
وتقابلت بالطبيب المُعالج والتي ستتلقي علي يدة جميع جلساتها، كان شاب في منتصف الثلثينات ذو ملامح وجة بشوشة جذابه وجسـ.ـدٍ ممشوق وطولاً فارعً
دلفت معهُ لحالها كما طلب هو من الممرضة التي إستدعتها من الخارج
نظر لها مُستغربً حالة الراحة والإطمئنان التي إنتابته وتملكت من كيانهُ من مجرد النظر لوجة تلك الأمل، شعر وكأنهُ يعرفُها مُنذُ الزمان
بعيونها أمان إستشعرهُ منذُ الوهلةِ الأولى للنظرِ بداخِلهُما ، بصوتها حنانًُ عجيب أسَر روحهْ التائهة التي دائمة البحث عن شئٍ ما لا يعلمهُ هو بذات نفسه ، بملامح وجهها الهادئة راحة وأستكانة لمن يحظي بالنظر لها
تحمحمَ كي يُنظف حنجرتهُ وبلحظة لملمَ شتاتهُ سريعً وتحرك واقفً أمامها وتحدث بوجهٍ بشوش كي يبث داخل روحها الطمأنينة :
_ أهلاً وسهلاً ، أولاً أحب أعرفك بنفسي ، أنا دكتور أحمد سلام اللي هتابع حالتك وهكون معاكي خطوة بخطوة لحد ما يتم الشفا بإذن الله
وأسترسل حديثهُ:
_ ثانياً بقا فية شوية ملاحظات لازم نتكلم فيهم قبل ما نبتدي في العلاج، وأول حاجة عاوزك تعرفيها هي إن علشان تنتصري علي المرض ده لازم تتمسكي بالأمل وبحقك في الحياة
وأكمل مُشيراً إليها :
_ عاوز أقول لك إن نص العلاج هيعتمد علي نفسيتك وعلي مّدي قوة تشبثك بحياتك
واسترسل حديثهُ بنبرة حماسية لها:
_ اللي عاوز أوصلهُ لك واللي لازم تكوني عرفاه كويس، هو إن إنتِ من إنهاردة بقيتي محاربة جديدة للمرض الصعب ده ، و إن بقالك دور كبير جداً ولازم تساعديني وتقومي بيه علي أكمل وجة، علشان نقدر نوصل لبر الأمان مع بعض
أومأت لهُ بإبتسامة خافتة لملامح وجه باهتة فتسائل هو مُستفسراً :
_ ممكن أعرف إسم المُحاربة ؟
أجابته بنبرة رقيقة كعادتها :
_ أمل، إسمي أمل عُمران
شعر براحة غريبة إجتاحتهُ من مجرد إستماعه لنبرات صوتها الرقيقة، إبتسم لها وتحدث بنبرة تفائلية :
_ أمل، ده فال خير وعلامه ، إن شاءالله هنحقق الأمل مع بعض
وتحدث بنبرة هادئة كي يستدعي داخلها روح المُحارب :
_ علي فكره يا أمل، فيه مُحاربات كتير جت هنا في المركز قبلك وبفضل ربنا قدرنا نعدي المحنه دي مع بعض،
وأكمل بإبتسامة حنون :
_ وأنا عندي شعور قوي إنك هتكوني واحدة من بطلاتي المُنتصرات
لم تدري لما شعرت بالراحة والطمأنينة من مجرد إستماعِها إلي حديث ذاك الأحمد ، تركها مع المُمرضة التي ستُساعِدها علي تجهُزها في تغيير ثيابها لآخري مُناسبة لتلقي الجرعة وتحرك إلي الخارج
وجد والدتها وزوجها وشقيقتها وأيضاً مصطفي والد أمير متواجدين داخل غرفة أمل الخاصة التي ستخرج من الجلسة إليها لتستريح بها
وقف منتصب الظهر وتحدث لهم بوجهٍ بشوش يشعُ تفاؤل كعادته :
_ طبعاً مش محتاج أعرفكم إن أمل داخلة حرب صعبة مع عدو شرس مبيرحمش ، وعلشان تكمل وتنتصر لازم لها دعم وقوة خارقة
وأشار لهم بيده وأكمل بعملية :
_ أنتم القوة اللي أمل هتعتمد عليها وتحارب بيها وعلشانها، علشان كده مطلوب منكم تقفوا في ظهرها وتطمنوها ، أظن كمان مش محتاج أقول لكم إن الحالة النفسية مهمة جداً لأمل الفترة اللي جاية لأن نص العلاج بيعتمد عليها
وأكمل برجاء :
_أتمني تساعدوني في إننا نخرج بأمل من المحنة دي وهي مُنتصرة
تساءلت سحر بدموع عيناها التي لم تُفارقها مُنذ أن تلقت ذاك الخبر المُفجع :
_ يعني فية أمل إن بنتي تعدي المحنة دي وتنتصر علي المرض يا دكتور ؟
إبتسم لها وأردف بيقين :
_ أملنا دايماً في ربنا كبير، والأمل موجود جوانا طول ما أحنا عايشين ومتمسكين بيه يا أفندم، أهم حاجة إيمانا بربنا يكون كبير وعن يقين
حول بصرهِ إلي أمير وتسائل بملامح وجه مُبهمة :
_حضرتك جوزها ؟
أومأ لهُ أمير بهدوء، فهز لهُ رأسهُ بتفهُم وتحرك مرةً آخري عائداً إلي أمل
وجدها تجلس فوق التخت المُخصص وجسـ.ـدها ينتفض رُعبً وملامِحُها شاحبه كشحوب الموتي، وقف بجانِبها وما شعر بحالهِ إلا وهو يُمسك كف يدها وينظر لعيناها بقوة وأردف بمؤازرة :
_ متخافيش، أنا معاكِ ومش هسيبك.
وكأنها كانت تحتاج وبشدة لتلك الكلمات البسيطة لتقويها وتعطيها الأمل ، أومأت له وإطمأنت روحها وأستعدت لتلقي أولي جُرعتِها بثبات وهي تتلو بعض السور القرأنية القصيرة ، وتُردد بعض الأدعية والأذكار
بالخارج كانت والدتها تجلس فوق إحدي المقاعد مُمسكة بكتاب الله تتلو أياته ودموعها تنسابُ فوق وجنتيها بحُرقة وغزارة
تحدث إليها مصطفي عساف الجالس بمقعدٍ مقابل لها ليُطمأن روحِها الهلعة :
_ متقلقيش يا مدام سحر، إن شاءلله خير، أنا عندي إحساس إنها أزمة وهتعدي وأمل هتطلع منها مجبورة الخاطر
أجابته بنبرة صوت ضعيفة ودموعً مُنسابة فوق وجنتيها :
_ يارب يا أستاذ مصطفي، ربنا ينجيها هي وكل مريض
وضعت رانيا يدها فوق كف يد والدتها وأردفت قائلة بصوتٍ متفائل رغم رُعبها الداخلي :
_ إهدي من فضلك يا ماما، حضرتك ست قوية ومؤمنة بالله، مش لازم أمل تشوفك بالضعف ده، هي محتاجة تشوف القوة والحماس في عيونك علشان هتستمد قوتها من قوتك
أكد مصطفي علي حديثها قائلاً بنبرة صادقة :
_ كلام رانيا صح، أمل محتاجة تشوفنا في صورة قوية
ثم حَمحم وتحدث بنبرة كاذبة خجلة :
_ أنا بتأسف لك بالنيابة عن أم أمير يا أستاذة سَحر ، هي كانت ناوية تيجي معايا علشان تُقف مع أمل، بس أخدت دور برد إمبارح وراقدة في السرير وشيرين قعدت جنبها علشان تراعيها وتاخد بالها منها
تحدثت سَحر بنبرة صادقة :
_ ألف سلامة عليها يا أستاذ مصطفي، كفاية وجود حضرتك معانا في المحنة دي، حضورك إنهاردة كفاية أوي وبيدل علي أصلك الطيب
يتبع